هجرة

فرنسا تلغي اتفاقية الهجرة مع الجزائر لعام 1968: ماذا يعني هذا القرار؟ (قراءة في السيناريوهات والتداعيات المحتملة)

شهدت الجمعية الوطنية الفرنسية في 30 أكتوبر 2025 تصويتا ذي دلالة تاريخية، حيث تبنت قرارا يدعو الحكومة إلى “إدانة” و “إنهاء” الاتفاق الفرنسي الجزائري الخاص بتنظيم الهجرة الموقع عام 1968. وقد جاء اعتماد هذا النص بفضل أغلبية ضئيلة وحاسمة، حيث صوت لصالحه 185 نائبا مقابل 184 عارضوه، أي بفارق صوت واحد فقط. هذا الفارق الضئيل يؤكد الطبيعة الحساسة والمثيرة للجدل للقضية داخل البرلمان الفرنسي.

كان المقترح مدفوعا من قبل حزب “التجمع الوطني” (RN) اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان، ولقي دعما غير مسبوق من قبل نواب حزبي “الجمهوريون” (اليمين التقليدي) وحزب “آفاق” (Horizons)، وهو جزء من الائتلاف الرئاسي السابق بقيادة إدوار فيليب. هذا التحالف بين قوى اليمين واليمين المتطرف، وبعض المجموعات المحسوبة على الوسط، يشير إلى اصطفاف سياسي جديد حول ملف الهجرة.

في المقابل، عارض القرار بشدة أحزاب اليسار والأغلبية الرئاسية الماكروينة والحكومة، الذين نددوا بمحاولة التجمع الوطني “لإعادة إشعال حروب الماضي” وتغذية “كراهية تاريخية” تجاه المهاجرين الجزائريين.

الصورة توضح تصويت الربلمان الفرنسي حول الغاء اتفاقية الهجرة مع الجزائر .. (مقال فرنسا تلغي اتفاقية الهجرة مع الجزائر لعام 1968)
نتائج تصويت البرلمان الفرنسي لإلغاء اتفاقية الهجرة مع الجزائر لعام 1968 : (لقطة شاشة من يوتيوب)

الملاحظ أن نجاح التجمع الوطني في تمرير النص، رغم معارضة الحكومة، لم يكن ممكنا لولا الضعف التنظيمي وتغيب نواب الأغلبية الرئاسية عن الجلسة. هذا التصويت، على الرغم من طبيعته غير الإلزامية، ليس مجرد انتصار لليمين المتطرف، بل هو مؤشر واضح على انزياح مركز السياسة الفرنسية نحو اليمين. وقد أصبحت الأحزاب التقليدية، مثل الجمهوريون، أكثر استعدادا للتعاون مع التجمع الوطني في قضايا الهجرة، بهدف استرضاء قاعدتها المحافظة، مما يضع حكومة ماكرون في موقع ضيق ومحاصر فيما يخص إدارة الملفات الحساسة.

القرار غير ملزم لكن له دلالة سياسية قوية

من الناحية القانونية الصرفة، لا يمتلك القرار الذي اعتمدته الجمعية الوطنية أي قوة تشريعية أو إلزامية على السلطة التنفيذية الفرنسية (الرئيس والحكومة). فصلاحية إنهاء أو مراجعة المعاهدات الدولية هي سلطة حصرية ممنوحة للحكومة ورئيس الجمهورية، ولا يمتد إليها نفوذ البرلمان عبر قرار بسيط.

ومع ذلك، تكمن الأهمية الحقيقية لهذا التصويت في دلالاته السياسية القوية. فقد وصفته مارين لوبان بأنه “يوم تاريخي” لحزبها، كونه يمثل أول نص تشريعي يُعتمد لصالح التجمع الوطني في البرلمان. ويعزز هذا الانتصار شرعية الحزب وقدرته على التأثير في الأجندة الوطنية، لا سيما في قضايا الهجرة التي تعتبر قلب خطابه السياسي.

يُعد هذا التصويت الرمزي ورقة ضغط سياسية كبيرة لا يمكن للحكومة تجاهلها. فبعد تبني القرار، أصبحت الحكومة في مواجهة مباشرة مع إرادة أغلبية النواب الذين يرغبون في إنهاء “نظام عتيق، غير متكافئ ومكلف”. وفي هذا السياق، فإن أي استمرار للوضع القائم دون تغيير يُنظر إليه على أنه تحدٍ لإرادة البرلمان. وبالتالي، فإن الحكومة مضطرة لاتخاذ خطوة تصالحية – مثل الدعوة إلى إعادة التفاوض – لتحقيق هدف اليمين جزئيا، دون الحاجة إلى اللجوء إلى سلطة تشريعية مباشرة لإنهاء الاتفاق.

ماذا نعرف عن بنود اتفاقية 1968 بين الجزائر وفرنسا؟

الجذور التاريخية والهدف الأصلي للاتفاقية

وُقع الاتفاق الفرنسي الجزائري في 27 ديسمبر 1968، بعد ست سنوات من استقلال الجزائر، وكان يمثل امتدادا وتفصيلا لما ورد في اتفاقيات “إيفيان” لعام 1962 التي أنهت الاستعمار. كان الهدف الأساسي للاتفاق هو تنظيم العلاقات الإنسانية والاجتماعية بين البلدين، وتحديد شروط دخول، إقامة، وعمل الرعايا الجزائريين وعائلاتهم في فرنسا.

تزامن توقيع الاتفاقية مع فترة كانت فيها فرنسا تعيش ازدهارا اقتصاديا وتضخما في الحاجة إلى اليد العاملة غير الماهرة. ونتيجة لذلك، جاءت الاتفاقية لتسهل تنقل وإقامة العمال الجزائريين في فرنسا، مما يفسر منحهم تسهيلات كبيرة في إصدار تصاريح الإقامة والعمل. وعليه، يمكن النظر إلى الاتفاقية في سياقها التاريخي كأداة اقتصادية لتأمين تدفق العمالة الرخيصة والنشيطة لخدمة الاقتصاد الفرنسي.

التوصيف القانوني والمصادر الرسمية

يُعرف الاتفاق رسميا باسم: “اتفاق بين حكومة الجمهورية الفرنسية وحكومة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية المتعلق بتنقل وتشغيل وإقامة الرعايا الجزائريين وعائلاتهم”. نُشر الاتفاق في الجريدة الرسمية الفرنسية في 22 مارس 1969.

تمنح هذه الوثيقة الرعايا الجزائريين نظاما قانونيا خاصا، يضعهم خارج نطاق القانون العام الفرنسي للأجانب، المعروف باسم قانون دخول وإقامة الأجانب وحق اللجوء (Code de l’entrée et du séjour des étrangers et du droit d’asile – CESEDA). وهذا الوضع القانوني الاستثنائي لا يتمتع به أي بلد غير أوروبي آخر في تعاملاته مع فرنسا، مما يجعله ملفا فريدا ومحل انتقاد اليمين المتطرف الذي يرى فيه “تعديا على المساواة”.

مسار التعديل وتقليص الامتيازات (1985-2001)

على الرغم من الطابع الاستثنائي للاتفاقية، فقد مرت بعدة مراجعات رئيسية أدت إلى تقليص تدريجي للامتيازات الممنوحة للجزائريين، مما يظهر محاولة فرنسية مستمرة لإخضاع هذا الوضع القانوني تدريجيا للقانون العام.

  1. التعديل الأول (1985): فرضت باريس التأشيرات (Visas) على الجزائريين لأول مرة. قيد هذا التعديل بشكل كبير حرية التنقل التي كانت منصوص عليها في النص الأصلي، ولكنه لم يمس بقية المزايا المتعلقة بالإقامة والعمل.
  2. التعديل الثاني (1994): نص التعديل على حرمان المقيم الجزائري من شهادة الإقامة إذا تجاوزت فترة غيابه عن فرنسا ثلاث سنوات.
  3. التعديل الثالث (2001): كان الهدف من هذا التعديل هو تقريب الوضع القانوني للجزائريين بشكل أكبر من القانون العام (CESEDA)، مما أدى إلى تقليص الامتيازات المتبقية بشكل كبير، إلا أن المبادئ الرئيسية للاستثناء القانوني ظلت قائمة.

تؤكد هذه التعديلات المتكررة أن الاتفاقية تحولت من كونها أداة اقتصادية ضرورية لفرنسا في فترة ما بعد الاستقلال إلى “إرث استعماري” يحاول اليمين إنهاءه. وتوضح التعديلات مسارا تدريجيا لتقليل هذا الاستثناء. ويرى المنتقدون أن مجرد بقاء أي امتيازات متبقية يمثل نقطة ضعف يمكن استغلالها سياسيا لتعزيز خطاب “عدم المساواة”.

ماهي أهم الامتيازات التي يتمتع بها الجزائريون ضمن اتفاقية الهجرة مقارنة بـ CESEDA؟

يركز الجدل السياسي حول الاتفاقية على الفروقات القانونية التي يمنحها النص للجزائريين مقارنة بباقي الأجانب من خارج الاتحاد الأوروبي الذين يخضعون للقانون العام للأجانب (CESEDA). وتوفر هذه المزايا تحصينا اجتماعيا وإداريا خاصا للجالية الجزائرية.

1. امتيازات الإقامة والحصول على بطاقة الـ 10 سنوات

يعد تسهيل الحصول على الإقامة الدائمة هو الامتياز الأبرز.

  • المدة الزمنية المخفضة: ينص الاتفاق على إمكانية حصول الرعايا الجزائريين على شهادة إقامة لمدة عشر سنوات بعد ثلاث سنوات فقط من الإقامة المنتظمة في فرنسا.
  • المقارنة مع القانون العام (CESEDA): يشترط القانون العام للأجانب على مواطني الدول الأخرى قضاء خمس سنوات على الأقل من الإقامة المنتظمة للحصول على بطاقة إقامة مماثلة، مما يعني أن الجزائريين يكتسبون هذا الحق أسرع بـ 40%.
  • الزواج بمواطن فرنسي: يتمتع الجزائري بامتياز الحصول على بطاقة الإقامة لمدة عشر سنوات “بحكم الحق المكتسب” (de plein droit) بعد عام واحد فقط من الزواج بمواطن فرنسي أو مواطنة فرنسية، وهو شرط ميسر لا ينطبق بهذه السهولة على الجنسيات الأخرى.
  • التسوية الاستثنائية للوضع غير النظامي: يمكن للجزائريين المقيمين بصورة غير نظامية الاستفادة من تسوية وضعهم تلقائيا بعد مرور عشر سنوات من الوجود في فرنسا، في حين يجب على الأجانب الآخرين تقديم طلب تقديري يخضع لتقدير السلطات دون ضمان القبول.

2. تسهيل التجمع العائلي والشمولية

يوفر الاتفاق إطارا أكثر ليونة لجمع شمل العائلة مقارنة بمتطلبات القانون العام.

  • إجراءات مبسطة ودون انتظار: يتم لم شمل العائلة للجزائريين بسرعة وبدون تعقيدات. والأهم، يتم التجمع العائلي دون فترة انتظار، على عكس القانون العام (CESEDA) الذي يفرض عادة شروطا صارمة تتعلق بالدخل والسكن ويفرض فترة انتظار إلزامية على مقدم الطلب.
  • شمول الأصول: يسهل الاتفاق استقدام الأصول (الآباء والأمهات) الذين هم تحت كفالة المقيم الجزائري، ويشمل كذلك الأطفال المتبنين بموجب نظام الكفالة، وهو إطار يوصف بأنه “ليبرالي جدا”.

3. الامتيازات الاجتماعية والمالية المباشرة (RSA و ASPA)

تعد الامتيازات الاجتماعية والاقتصادية هي المحرك الرئيسي للمطالبة بإلغاء الاتفاقية بسبب التكلفة المالية المترتبة عليها.

  • الوصول الفوري للإعانات: يتمتع الرعايا الجزائريون بإمكانية الوصول الفوري (sans délai de carence) إلى المساعدات الاجتماعية الرئيسية. وهذا يشمل:
    • دخل التضامن النشط (RSA): يستطيع الجزائري الحصول على هذا الدخل دون استيفاء شرط مدة الإقامة، بينما يُلزم مواطنو دول أخرى بالانتظار خمس سنوات للحصول على نفس الميزة.
    • بدل التضامن لكبار السن (ASPA/Minimum Vieillesse): وصول فوري دون شروط إقامة صارمة.
  • التكلفة المالية المعلنة: قدر تقرير برلماني حديث، أعده نائبان تابعان لحزب ماكرون، التكلفة السنوية الإجمالية لهذه الاتفاقية على الميزانية الفرنسية، معظمها ناتج عن المزايا الاجتماعية المتاحة دون تأخير، بما يتراوح بين 1.5 و 2 مليار يورو سنويا. هذا التركيز على التكلفة المادية يحول النقاش من الأبعاد الإنسانية والتاريخية إلى بعد مالي بحت، مما يبرر التحرك البرلماني لليمين.

4. صعوبة سحب تصاريح الإقامة (الشق الأمني)

من الانتقادات الجوهرية الأخرى الموجهة للاتفاقية من قبل اليمين أنها توفر تحصينا قانونيا ضد إجراءات الإبعاد. تشير التقارير إلى أن الاتفاقية، بناء على السوابق القضائية منذ عام 1994، تجعل سحب أو إلغاء تصريح إقامة الجزائري “شبه مستحيل”، حتى في حالات الإدانة الجنائية أو الإخلال الخطير بالنظام العام. وهذا الجانب يمثل تحديا لسلطة الدولة الفرنسية في تطبيق قوانينها الجنائية والهجرية على فئة معينة من المقيمين على أراضيها.

يوضح الجدول التالي أبرز الفروق القانونية بين وضع الجزائريين ووضع باقي الأجانب الخاضعين للقانون العام (CESEDA):

مدة الإقامة لـ 10 سنوات3 سنوات من الإقامة المنتظمة 5 سنوات من الإقامة المنتظمةتسريع الحصول على الإقامة الدائمة.
الوصول لـ RSA/ASPAفوري (وصول مباشر) مشروط بمدة إقامة قد تصل إلى 5 سنوات كسر مبدأ المساواة في الحصول على الدعم الاجتماعي.
التجمع العائليتسهيلات كبيرة ولا يوجد فترة انتظار شروط مالية وسكنية صارمة وفترة انتظار إجباريةتسهيل عملية الهجرة العائلية والتركيبة السكانية للجالية.
سحب الإقامة (الأمني)صعوبة بالغة في سحب الإقامة أو الترحيل تطبيق الإجراءات الصارمة للإبعاد الفوريحماية غير مباشرة من سلطة الدولة الفرنسية.

ماذا بعد التصويت؟ التداعيات القانونية والمسارات الدبلوماسية

على الرغم من أن تصويت الجمعية الوطنية غير ملزم، فإنه أطلق مسارا سياسيا ودبلوماسيا جديدا، يتمحور حول خيارين رئيسيين: الإلغاء الشامل (كما يطالب اليمين) أو إعادة التفاوض (كما تفضل الحكومة).

المسار القانوني المحتمل وتطبيق CESEDA

في حال قررت السلطة التنفيذية الفرنسية (التي تتمتع بالصلاحية الحصرية) المضي قدما في إنهاء الاتفاقية، سواء عبر الإلغاء الأحادي أو بعد فشل المفاوضات، فإن جميع الرعايا الجزائريين سيخضعون بشكل مباشر للقانون العام الفرنسي للهجرة (CESEDA) على غرار باقي الأجانب.

استراتيجية الحكومة: إعادة التفاوض بدلا من الإلغاء

تجنبا للتداعيات الدبلوماسية الجسيمة للإلغاء الأحادي، أظهرت الحكومة الفرنسية تفضيلها لخيار المراجعة الثنائية. فقد دعا رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكورنو بعد التصويت مباشرة إلى إعادة التفاوض حول الاتفاقية.

يرتكز هذا التوجه على مبدأ جديد، كما أكده لوكورنو، وهو أن العلاقة مع الجزائر يجب أن تُبنى على “أساس المصالح الفرنسية”. هذا التصريح يشير إلى تحول جذري في السياسة الفرنسية، حيث يتم الانتقال من تبرير الامتيازات بـ “الديون التاريخية” أو الإرث الاستعماري إلى نهج براغماتي قائم على المصالح المتبادلة. وفي هذا الإطار، ستسعى فرنسا لإزالة البنود الأكثر جدلا (خاصة الامتيازات الاجتماعية وقواعد الإقامة السهلة)، مقابل الحفاظ على التعاون الجزائري في ملفات حيوية مثل أمن الطاقة ومكافحة الإرهاب، والأهم من ذلك، قبول المرحلين من الأراضي الفرنسية.

4.3. التداعيات الدبلوماسية الخطيرة

ينظر المحللون إلى تصويت الجمعية الوطنية كـ “صفعة قوية” على وجه النظام الجزائري ، ويُنذر بدخول الأزمة الدبلوماسية المستمرة بين البلدين “نفقا مظلما”. بالرغم من أن الجزائر التزمت التجاهل الرسمي المبدئي للقرار (على الأقل لغاية كتابة هذا المقال)، إلا أن التوقعات تشير إلى إمكانية الرد بإجراءات تصعيدية في إطار المعاملة بالمثل. قد تشمل هذه الإجراءات مراجعة أو إلغاء اتفاقيات أخرى (اقتصادية أو أمنية) مع فرنسا.

يتشابك ملف الهجرة مع قضايا جيوسياسية أوسع تزيد من حدة التوتر، مثل موقف فرنسا الأخير الداعم لخيار الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، وقضية سجن الكاتب بوعلام صنصال، والمفاوضات الشائكة حول التعاون الجزائري في قبول ترحيل رعاياها المقيمين بشكل غير نظامي أو المحكوم عليهم. وتُعتبر خطوة البرلمان الفرنسي، بالنسبة للجزائر، محاولة لاستخدام ملف الهجرة كأداة ضغط في هذه الملفات المتشابكة.

ومن المحتمل أن تؤدي أي تضييقات مستقبلية على شروط الإقامة والتجمع العائلي إلى تأثيرات غير مباشرة على الجالية الجزائرية المقيمة، حيث ستجعل الحياة الاجتماعية والأسرية أكثر تعقيدا، مما قد يدفع بأفراد الجالية نحو طلب التجنيس (الحصول على الجنسية الفرنسية) كسبيل لضمان التحصين القانوني الكامل بدلا من الاعتماد على شهادة الإقامة الممنوحة بموجب الاتفاقية.

إلغاء فرنسا لاتفاقية الهجرة مع الجزائر لحظة فارقة في العلاقة بين البلدين

يمثل تصويت الجمعية الوطنية الفرنسية لإنهاء اتفاقية الهجرة مع الجزائر لعام 1968 لحظة فارقة في العلاقات الثنائية، حيث أظهرت هذه الخطوة وجود أغلبية برلمانية، مدفوعة بأيديولوجية اليمين وهاجس التكلفة المادية، مستعدة لوضع حد لنظام قانوني استثنائي استمر لأكثر من نصف قرن.

على الرغم من رمزية القرار البرلماني وقوته الضاغطة، فإن الإلغاء الأحادي الشامل يبدو مستبعدا بسبب المخاطر الدبلوماسية، لذا يبقى المسار الأكثر ترجيحا هو إعادة التفاوض الثنائي الذي دعت إليه الحكومة الفرنسية. وستهدف هذه المفاوضات إلى تجريد الاتفاقية من البنود الأكثر جدلا (خاصة المتعلقة بالوصول الفوري للمزايا الاجتماعية وتسهيلات الإقامة والتجمع العائلي) لدمج الجزائريين ضمن إطار قانوني يقترب من القانون العام للأجانب (CESEDA)، مع الحفاظ على بعض بروتوكولات التعاون في ملفات ذات مصلحة فرنسية حيوية.

اقرأ أيضا:

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى