آخر الأخبار

المغرب يستعد لإطلاق الزيارات الغامضة للمؤسسات الفندقية

دخل القانون الجديد رقم 80-14 المتعلق بالمؤسسات السياحية حيز التنفيذ في المغرب بعد نشره في الجريدة الرسمية في 27 مايو الماضي. ومن أبرز مستجدات هذا القانون، الذي يحل محل القانون السابق رقم 61-00، إطلاق نظام الزيارات الغامضة للمؤسسات الفندقية خلال الأشهر المقبلة. وخصصت وزارة السياحة ميزانية خاصة لهذا النوع من المراقبة، حيث ستطلق طلبات عروض لاختيار شركات متخصصة لتنفيذ هذه المهام.

يستند تطبيق هذا النظام إلى المرسوم المشترك رقم 985-24 الصادر في ديسمبر 2024، والذي وضع معايير مفصلة لتصنيف المؤسسات الفندقية. هذا المرسوم هو نتاج تعاون بين وزارة الداخلية ووزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني.

تهدف الزيارات الغامضة إلى تقييم جودة الخدمات الفندقية بشكل موضوعي، حيث يقوم أشخاص مكلفون بزيارة المؤسسات دون الكشف عن هويتهم كمقيمين عاديين، ليختبروا الخدمات ويقيموا تجربة العميل وفق معايير محددة مسبقا. وتعد هذه الممارسة شائعة في البلدان السياحية المتقدمة، وإن كانت تطبق أحيانا في المغرب من قبل وزارة السياحة أو السلاسل الفندقية، فإن الجديد يكمن في إضفاء الطابع الرسمي والمنهجي على هذه العملية.

ينقسم نظام التقييم الجديد إلى معايير إلزامية وأخرى تكميلية. المعايير الإلزامية تشمل معايير الأمان مثل تركيب أبواب المراقبة وكاميرات المراقبة والمواقف الآمنة، بالإضافة إلى جودة الخدمة التي تستوجب توفير استقبال متعدد اللغات للعملاء. كما تشمل الراحة والتجهيزات والرقمنة، حيث يجب على الفنادق توفير حجز إلكتروني سلس ودفع إلكتروني مبسط. أما المعايير التكميلية فتتيح للفنادق التميز من خلال تقديم خدمات عصرية ومبتكرة، وتلعب الرقمنة دورا محوريا فيها من خلال أنظمة متقدمة لإدارة الحجوزات والمدفوعات.

ويشترط النظام الجديد احترام المؤسسات للمعايير الإلزامية بنسبة 100% وللمعايير التكميلية بنسبة 70% كحد أدنى من مجموع النقاط. عند عدم استيفاء المؤسسة للمعايير المطلوبة، ستخضع لإجراءات الإنذار وستُمنح مهلة زمنية لتصحيح الأوضاع، وفي حالة عدم الامتثال قد تواجه عقوبات مالية تتراوح بين 50 ألف و100 ألف درهم.

لن تقتصر هذه الإجراءات على الفنادق المصنفة تقليديا، بل ستمتد لتشمل منصات الإيجار غير الرسمية مثل “إير بي إن بي” وغيرها من أشكال الإيواء البديلة. وتشير المصادر إلى أن خطة عمل خاصة بهذه الإيجارات المفروشة ستطلق قبل نهاية العام الحالي وتشمل ما بين 50 ألف إلى 100 ألف وحدة سكنية، بهدف تشجيعها على ترك القطاع غير الرسمي والانخراط في النظام الرسمي.

وبسبب نقص الخبراء المحليين المتخصصين في هذا المجال، ستستعين السلطات المغربية بخبراء أجانب في إجراءات مراقبة جودة خدمات الإيواء، مع السعي للوصول إلى نسبة 50% من الاستشاريين المحليين و50% من الخبراء الدوليين على المدى المتوسط.

تأتي هذه الإجراءات في سياق نمو متواصل للقطاع السياحي المغربي، حيث استقبل المغرب 17.4 مليون سائح في عام 2024 بزيادة قدرها 20% مقارنة بالعام السابق، محققا بذلك الهدف المحدد لعام 2026 قبل موعده بسنتين. وتوزع هذا العدد بالتساوي تقريبا بين السياح الأجانب (8.8 مليون) والمغاربة المقيمين بالخارج (8.6 مليون). كما ارتفعت عائدات السياحة من يناير إلى نوفمبر 2024 بنسبة 7.2% لتصل إلى 104 مليار درهم.

تسعى الحكومة المغربية من خلال هذه الإصلاحات إلى رفع جميع مؤسسات الإيواء إلى مستوى أدنى ثلاث نجوم بحلول عام 2027، كما تستهدف الوصول إلى 26 مليون سائح بحلول 2030، خاصة مع اقتراب تنظيم كأس أمم أفريقيا 2025 وكأس العالم 2030 التي ستستضيفها المملكة بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال.

وعلى الرغم من ترحيب عدد من المهنيين في القطاع بهذه المبادرة، إلا أن البعض يبدي تحفظات حول طرق التطبيق. وتتركز الانتقادات أساسا على اعتماد زيارة غامضة واحدة فقط لكل مؤسسة، والتي يعتبرها البعض غير كافية لتقييم شامل لجودة الخدمات المقدمة، إضافة إلى غياب تصنيف خاص بالشقق المفروشة من نوع “إير بي إن بي”.

يُذكر أن مفهوم العميل الغامض ظهر في الأربعينيات في الولايات المتحدة في قطاع التوزيع الكبير والسلع الفاخرة، وأصبح أداة معتمدة في قطاع الفندقة عالميا لتقييم جودة الخدمات بشكل موضوعي والكشف عن الفجوات بين المعايير المعلنة والممارسة الفعلية على أرض الواقع.

اقرأ أيضا:

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى