آخر الأخبار

مقاطعة ARMAS : قضية اختفاء مروان المقدم تدفع نشطاء منصات التواصل الاجتماعي لمقاطعة شركة النقل البحري أرماس

تتصاعد الدعوات على وسائل التواصل الاجتماعي لمقاطعة شركة “ARMAS للملاحة عبر البحر الأبيض المتوسط”، وهي شركة الشحن البحري التي ارتبط اسمها بقضية اختفاء الشاب المغربي مروان المقدم في ظروف غامضة خلال رحلة بحرية من الناظور إلى موتريل بإسبانيا في أبريل 2024. أثارت هذه القضية، التي تحولت إلى قضية رأي عام، غضبا واسعا بسبب الاتهامات الموجهة للشركة بالإهمال وإخفاء المعلومات، مما دفع النشطاء إلى شن حملات رقمية للمطالبة بالمحاسبة والشفافية.

تفاصيل حملات مقاطعة أرماس

تتركز دعوات المقاطعة على منصات مثل تيك توك وفيسبوك وانستغرام، حيث يتهم النشطاء شركة “أرماس” بعدم التعاون مع السلطات في التحقيق حول اختفاء مروان المقدم، الشاب المغربي البالغ من العمر 18 عاما. وفقا لمنشورات على منصات التواصل الاجتماعي، أشار شقيق مروان، محمد المقدم، إلى أن الشركة لم تقدم توضيحات حول مصير حقيبة مروان أو تسجيلات كاميرات المراقبة على متن السفينة. هذه الاتهامات أدت إلى اتهامات أخرى تشمل تعطيل الكاميرات وحجب منصات الشركة على وسائل التواصل الاجتماعي لمنع التعليقات، مما زاد من غضب الجمهور.

تتضمن الحملات هاشتاغات مثل “#مقاطعة_أرماس” و”#العدالة_لمروان”، حيث يدعو النشطاء إلى الامتناع عن استخدام خدمات الشركة حتى تقدم تفسيرات واضحة ويتم تحقيق العدالة. كما تداول مستخدمون صورا ومقاطع فيديو من داخل السفينة، مشيرين إلى ظروف السفر غير الآمنة، خاصة للركاب الذين يحملون تذاكر اقتصادية دون مقصورات خاصة، كما كان الحال مع مروان.

خلفية قضية اختفاء مروان المقدم

مروان المقدم، شاب مغربي يبلغ من العمر 18 عاما، مهاجر قانوني يقيم في مدينة موتريل بإسبانيا، اختفى في ظروف غامضة خلال رحلة بحرية من ميناء بني أنصار بالناظور (المغرب) إلى موتريل (إسبانيا) يوم 20 أبريل 2024. كان مروان قد عاد إلى المغرب للاحتفال بعيد الفطر مع عائلته لأول مرة بعد حصوله على الإقامة القانونية في إسبانيا، بعد ذلك وحين أراد الرجوع الى إسبانيا استقل سفينة تابعة لشركة “أرماس للملاحة عبر البحر الأبيض المتوسط” بتذكرة اقتصادية دون مقصورة خاصة ليختفي بعدها الى الآن. القضية أثارت جدلا واسعا في المغرب وإسبانيا، وتحولت إلى قضية رأي عام بسبب الغموض المحيط بها والاتهامات الموجهة للشركة وللسلطات.

تفاصيل الرحلة وآخر الاتصالات

وفقا لإفادات عائلته، كان آخر تواصل مع مروان في الساعة 2:28 صباحا يوم 21 أبريل 2024، حيث أرسل مقاطع فيديو من كافيتريا السفينة تظهر المناظر البحرية. أكد شقيقه محمد أن مروان كان بحوزته حقيبة تزن 20 كيلوغراما، لكن الشركة لم تقدم تفاصيل عن مصير هذه الحقيبة. لم يصل مروان إلى وجهته في موتريل، ولم يتم تسجيل دخوله رسميا إلى إسبانيا، مما زاد من تعقيد القضية.

ومع ذلك، هناك رواية أخرى تشير إلى أن تقريرا من الإنتربول أكد دخول مروان إلى ميناء موتريل يوم 21 أبريل 2024، مما يعني أنه أكمل الرحلة. تم إبلاغ العائلة بهذه المعلومة رسميا، لكن لا توجد تفاصيل إضافية عن مصيره بعد وصوله. هذا التناقض بين عدم تسجيل دخوله رسميا وبين تقرير الإنتربول يزيد من الغموض.

الروايات المختلفة حول الاختفاء

1. رواية الشجار على متن السفينة

  • في مايو 2025، ظهرت شهادة على منصة يوتيوب من سيدة ادعت أنها كانت على متن نفس الرحلة. وفقا لها، وقع شجار بين مروان وأحد العاملين على السفينة، تدخل فيه عاملان آخران، مما أدى إلى دفع مروان وسقوطه على رأسه فوق قطعة حديد. هذه الرواية أثارت جدلا كبيرا ودفعت إلى اتهامات مباشرة لشركة “أرماس” بالتورط في الحادثة.
  • هناك ادعاءات أخرى تشير إلى أن مروان قد يكون توفي نتيجة هذا الشجار وتم التخلص من جثته في البحر، مع اتهامات للشركة بتعطيل كاميرات المراقبة وسد منصاتها على وسائل التواصل الاجتماعي لمنع التعليقات. ومع ذلك، هذه الرواية تظل غير مؤكدة وتعتمد على شهادات غير رسمية.

2. رواية الغرق أو السقوط من السفينة

  • يعتقد البعض أن مروان قد يكون سقط من السفينة أو غرق أثناء الرحلة، خاصة أنه كان يسافر بتذكرة اقتصادية ويقضي الوقت في منطقة مفتوحة مثل الكافيتريا. هذه الفرضية تفتقر إلى أدلة مادية، حيث لم يتم العثور على جثته أو أي دليل يدعم هذا السيناريو.

3. رواية الاحتجاز أو الاختفاء في إسبانيا

  • هناك تكهنات بأن مروان قد يكون محتجزا في أحد السجون الإسبانية أو اختفى بعد وصوله إلى موتريل. هذه الفرضية مستندة إلى تقرير الإنتربول الذي يؤكد دخوله إلى إسبانيا، لكن الشرطة الإسبانية لم تقدم تقريرا واضحا يحسم ما إذا كان قد وصل فعليا أم لا.

جهود العائلة والمجتمع المدني

دفع الغموض المحيط بالقضية عائلة مروان إلى اتخاذ إجراءات قانونية، حيث تقدم شقيقه محمد بشكاية في موتريل، مطالبا بتحقيق موازٍ بالتنسيق مع السلطات الإسبانية. كما زار مؤسسات مغربية مثل وزارة الخارجية وعمالة الحسيمة. الجمعيات الحقوقية، مثل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (فرع الناظور) وجمعية “مختفون”، انضمت إلى القضية، لكن دون نتائج ملموسة حتى يونيو 2025.

على وسائل التواصل الاجتماعي، عبر النشطاء عن تضامنهم مع العائلة، مطالبين بتدويل القضية ومحاسبة الشركة. بعض المنشورات دعت إلى تعويض العائلة وتقديم المتورطين للعدالة، مشيرة إلى أن الشركة لم تصدر بيانات رسمية كافية لتوضيح ملابسات الحادثة.

التحقيقات الرسمية: تضارب الروايات بين السلطات المغربية والإسبانية

شكلت التحقيقات الرسمية في قضية اختفاء مروان المقدم، سواء في المغرب أو إسبانيا، مصدرا إضافيا للغموض بدلا من أن تكون سبيلا لكشف الحقيقة، وذلك بسبب التضارب الواضح في النتائج التي توصلت إليها كل جهة.

فمن الجانب المغربي، أكدت السلطات الرسمية، وتحديدا شرطة الحدود، أن مروان المقدم قد غادر التراب الوطني بشكل قانوني ورسمي يوم 20 أبريل 2024، وذلك عبر نفس الباخرة التابعة لشركة “أرماس” والمتجهة إلى موتريل. واستند هذا التأكيد إلى بيانات نظام التنقيط الرقمي المعمول به في المعابر الحدودية. وبناء على بلاغ العائلة، تم فتح تحقيق في المغرب، تولت تنسيقه النيابة العامة بمدينة الناظور والشرطة القضائية في بني أنصار. كما وصلت القضية إلى أعلى المستويات، حيث دخل وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، على خط القضية، مؤكدا وجود تنسيق مستمر مع السلطات الإسبانية المعنية لكشف ملابسات الاختفاء. وفي تطور لاحق، أعلنت النيابة العامة بالناظور عن عزمها فتح بحث قضائي معمق في النازلة ، كما استقبل الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالناظور عائلة المقدم، ووعد بمتابعة الملف شخصيا وتقديم كل الدعم اللازم.  

أما على الجانب الإسباني، فكانت الرواية الرسمية مختلفة تماما. فقد أكدت السلطات الإسبانية بشكل قاطع أن الشاب مروان المقدم لم يدخل التراب الإسباني عبر ميناء موتريل، وأنه لم يتم تسجيل أي دخول باسمه في ذلك اليوم أو الأيام اللاحقة. وكانت عائلة المقدم قد تقدمت بشكاوى اختفاء لدى السلطات الإسبانية في مناطق مختلفة، منها ما ذكر أنها “ألميريا” أو “خيخون” ، بالإضافة إلى موتريل، وهي الوجهة النهائية للباخرة. وقد تم بالفعل تحويل ملف القضية إلى المحكمة المختصة في مدينة موتريل للبدء في إجراءات التحقيق. كما قامت العائلة بتقديم شكوى رسمية مباشرة للسلطات الإسبانية. وفي نهاية المطاف، خلصت التحقيقات الأولية التي أجرتها السلطات الإسبانية إلى أن مروان المقدم لم تطأ قدماه الأراضي الإسبانية.  

هذا التضارب الصارخ بين الروايتين الرسميتين يمثل جوهر اللغز في قضية مروان المقدم. ولتوضيح هذا التناقض بشكل أكبر، يمكن عرض الجدول التالي الذي يقارن بين البيانات الرسمية الرئيسية:

الجهةالبيان/النتيجة الرئيسيةتاريخ البيان/الكشف عن المعلومة (إن وجد)التناقضات الملحوظة مع بيانات الجهات الأخرى
السلطات المغربيةمروان المقدم غادر التراب المغربي بشكل قانوني وموثق.متعددةيتعارض مع تأكيد السلطات الإسبانية عدم دخوله أراضيها.
السلطات الإسبانيةمروان المقدم لم يدخل التراب الإسباني ولم يتم تسجيله.متعددةيتعارض مع تأكيد السلطات المغربية مغادرته بشكل موثق، ويثير تساؤلا عن مصيره بين نقطة المغادرة ونقطة الوصول المفترضة.
الإنتربول (رواية1)مروان المقدم غادر التراب الإسباني في 14 أبريل 2024.غير محدد بدقة (نقلا عن العائلة)يتناقض مع تاريخ اختفائه (20 أبريل)، ومع تأكيد المغرب مغادرته يوم 20 أبريل، ومع تأكيد إسبانيا عدم دخوله أصلا. يجعل هذا البيان مغادرة إسبانيا سابقة لقدومه إليها في الرحلة المعنية.
الإنتربول (رواية2)مروان المقدم داخل الأراضي الإسبانية “إلى حد الآن”.غير محدد بدقة (نقلا عن متحدث)يتناقض مع تأكيد السلطات الإسبانية القاطع عدم دخوله، ويتناقض أيضاً مع الرواية الأولى المنسوبة للإنتربول نفسه.

شركة “أرماس” للملاحة: بين تأكيد السفر وغموض كاميرات المراقبة

تقف شركة “أرماس” للملاحة البحرية، الناقل الذي استقل مروان المقدم إحدى بواخره في رحلته الأخيرة، في قلب عاصفة من التساؤلات والشكوك. فبينما أقرت الشركة بوجود الشاب على متن رحلتها، إلا أن موقفها من تفاصيل اختفائه، وخاصة قضية كاميرات المراقبة، زاد من تعقيد اللغز وأثار حفيظة عائلته والرأي العام.

أكدت شركة “أرماس” بشكل رسمي لعائلة المقدم، وكذلك للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن اسم مروان كان مدرجا ضمن سجلات الركاب الذين صعدوا على متن الباخرة المتجهة من بني أنصار إلى موتريل في التاريخ المحدد للرحلة. بل وقدمت وثائق تثبت وجوده ضمن قائمة المسافرين. هذا الإقرار، وإن كان خطوة أولى، إلا أنه لم يقدم أي إجابات حول ما حدث لمروان بعد صعوده.  

القضية الأكثر إثارة للجدل تتمثل في كاميرات المراقبة الخاصة بالباخرة. ففي تطور لافت، أكدت شركة “أرماس” في محضر رسمي قُدم للسلطات الإسبانية أن كاميرات المراقبة على متن الباخرة كانت معطلة خلال الرحلة التي اختفى فيها مروان. هذا الادعاء بأن الشركة لا تتوفر على تسجيلات الكاميرات لذلك اليوم الحاسم لأنها كانت “عاطلة” ، اعتبره شقيق مروان، محمد المقدم، بمثابة “طمس للحقيقة وتواطؤ محتمل” من جانب الشركة.  

وزاد من هذه الشكوك عدم تقديم الشركة لأي توضيحات كافية حول ملابسات اختفاء مروان. فلم تقدم الشركة أي معلومات حول لحظة وصوله المفترضة أو نزوله من الباخرة. وعندما توجه شقيق مروان إلى مكتب الشركة في ميناء بني أنصار للاستفسار عن مصير أخيه، طُلب منه تقديم وثيقة رسمية تثبت مغادرة مروان للتراب الوطني المغربي، دون أن يقدموا له أي جواب شافٍ حول ما إذا كان مروان قد وصل بالفعل إلى وجهته أم لا. هذا الصمت وعدم التجاوب مع مناشدات ورسائل أسرة الشاب المختفي عمّق من جراحهم وزاد من حيرتهم.  

إن تعطل كاميرات المراقبة بشكل “مفاجئ” أو “مقصود” في رحلة محددة شهدت اختفاء راكب يثير شكوكا جدية وعميقة حول مدى التزام الشركة بمعايير السلامة الأساسية والشفافية المطلوبة. هذا الوضع لا يشير فقط إلى إهمال جسيم في صيانة معدات حيوية لسلامة الركاب وتوثيق الأحداث، بل قد يفتح الباب أمام تفسيرات أبعد من ذلك، تصل إلى حد التساؤل عن محاولة متعمدة لإخفاء معلومات أو التستر على وقائع معينة. فكاميرات المراقبة تعتبر أداة حاسمة في مثل هذه المواقف، وتعطلها “صدفة” في نفس يوم الاختفاء هو أمر يصعب قبوله دون أدلة قاطعة تثبت حسن نية الشركة. وفي كلتا الحالتين، سواء كان التعطل نتيجة إهمال أو لسبب آخر، فإن المسؤولية تقع بشكل كبير على عاتق شركة النقل. كما أن التناقض بين إقرار الشركة بوجود مروان كراكب على متن سفينتها، وعدم قدرتها – أو ربما عدم رغبتها – في تقديم أي معلومات جوهرية عن مصيره أو ما سجلته (أو لم تسجله) كاميراتها، يعزز من هذه الشكوك ويضع الشركة في موقف لا تحسد عليه أمام عائلة المختفي والرأي العام.

الوضع الحالي لقضية مروان المقدم

حتى يونيو 2025، لا تزال قضية مروان المقدم دون حل، مع غياب أدلة قاطعة عن مصيره. التناقضات بين الروايات (شجار على متن السفينة، غرق، احتجاز) تجعل القضية لغزا معقدا. التحقيقات مستمرة، حيث فتح وكيل الملك تحقيقا موازيا بالتعاون مع السلطات الإسبانية، لكن العائلة تعيش في حالة من القلق والحزن والانتظار المستمر.

قضية مروان المقدم تظل واحدة من أكثر القضايا غموضًا التي شغلت الرأي العام المغربي والإسباني. التناقضات في الروايات، غياب الأدلة القاطعة، والاتهامات الموجهة لشركة “أرماس” تجعل من الصعب التوصل إلى حقيقة واضحة. يستمر البحث عن إجابات، مع آمال بأن تكشف التحقيقات المشتركة بين المغرب وإسبانيا عن مصير الشاب المفقود.

حملة مقاطعة أرماس خطوة للضغط على الشركة لكشف غموض القضية

تعكس حملات مقاطعة “أرماس” نمطا أوسع من الاحتجاجات الرقمية في المغرب، حيث سبق أن شهدت البلاد حملات مماثلة ضد بعض الشركات بسبب ارتفاع الأسعار في 2018. هذه الحملات غالبا ما تستفيد من وسائل التواصل الاجتماعي لتعبئة الرأي العام، مما يضع ضغطا على الشركات المستهدفة.

في حالة “أرماس”، قد تؤثر المقاطعة على سمعتها وسط الجالية المغربية في أوروبا، التي تعتمد بشكل كبير على خدماتها للسفر بين المغرب وإسبانيا. ومع ذلك، تظل التحقيقات جارية دون أدلة قاطعة تحسم مصير مروان. التناقضات بين الروايات، بما في ذلك احتمال الغرق، الاحتجاز، تجعل القضية معقدة. يرى المحللون أن حملات المقاطعة قد تستمر حتى تقدم الشركة أو السلطات توضيحات واضحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى